حين يكون الكذب سياسة رسمية للامريكان وبريطانيا ..؟
8 يوليو، 2016
280 10 دقائق
يمنات
د. فؤاد الصلاحي
من الامور محل اتفاق بين الباحثين في العلوم السياسية والمراقبين للمشهد السياسي العربي خلال الاعوام الاخيرة التأكيد على عدم امتلاك العراق لاسلحة كيماوية او مشروع نووي (حتى اعلان الحرب عليه) ..بل ان بعض الباحثين والكتاب وبعض ضباط المخابرات في الغرب وامريكا لديهم نفس الاقتناع ..لكن ..استراتيجية امريكا فيما بعد انهيار القطبية الثنائية وخروج السوفييت من المنافسة عسكريا وسياسيا ووفق مصالح الكارتل الصناعي الغربي خاصة الصناعة العسكرية كان لابد من اعلان عدو ما من اجل استمرار اعتماد مبررات لاقناع دافعي الضرائب وعموم المواطنين في الغرب ومن اجل التمهيد لاعلان ضربات عسكرية بدأت بافغانستان وصولا الى العراق مرتين في الثانية كان تدمير الدولة والمجتمع والعودة بالافراد نحو مرجعياتهم ماقبل الوطنية وادخال المجتمع في حروب طائفية متعددة ..
ولان الاستراتيجية الامريكية بخلق الفوضى في المنطقة العربية وهدم الدولة الوطنية التي تشكلت في مرحلة سابقة كان عنوانها النضال ضد الغرب ..اذا ..المشروع في تدمير العراق ثم عموم المنطقة امر تم اقراره في سنوات سابقة وحشد كل الاكاذيب ونشرها عبر مختلف اجهزة الاعلام وسياسيا وتولت دول صديقة في المنطقة تمرير الموقف الامريكي ومساعدته ..بل وبمساعدة احزاب وجماعات ….اذا ..نحن العرب او غالبية الشعب العربي نعرف مسبق ويقينا ان الغرب وامريكا كاذبون في مواقفهم وتعاملاتهم معنا ولانحتاج الى تقرير بريطاني او امريكي من اجل نزعة تطهرية لتلك الحكومات او لبعض سياسييها …
الغرب بيمينه ويساره شارك بوعي منه في حروب عدوانية ضد بلادنا العربية منذ بداية القرن العشريت وتاسيس كيان غريب في المنطقة ثم محاربة الانظمة الوطنية التي لنا عليها تحفظات واوجه نقد كبيرة وصولا الى اللحظة الراهنة التي نعيشها بكل الفوضى والعبث السياسي …
وللعلم اخطر مظاهر هذا العبث والفوضى خروج العراق كدولة ومجتمع من مواجهة دول اقليمية طامعة في المنطقة ..ومايريده الغرب ضمن مخططه المخابراتي وضمن رؤى المستشرقين المتعصبين امثال برنارد لويس هو احداث فتنة مذهبية في المنطقة العربية (وصراع ديني مع الغرب -هينتجتون ) وهذا لن يكون الا بتدمير الدول واشعال ثأرات جهوية وطائفية …
وللعلم ايضا العرب بوعي منهم وبدونه ساعدوا الغرب بجعل بلدانهم مسرحا للفوضى والعبث السياسي ..مع الاشارة الى دول اسلامية مجاورة ساعدت بحماس منقطع النظير في تميرير المشروع الامريكي واقصد تركيا وايران ..واذا كان العرب وحدهم الخاسرون حتى اللحظة .. فان مستقبل الصراع الراهن قد ينتقل الى بلدان اخرى خاصة السعودية وايران وتركيا لاعتبارات سياسية وجهوية ومذهبية ناهيك على حضور وفاعلية التنظيمات المتطرفة التي تتصف بكونها تنظيمات عابرة للجغرافيا ….
بريطانيا العجوز تتوكأ على بندقية البلطجي الامريكي واوربا كلها في نفس المسار ..لكن كثيرا من صناعة الغرب واوربا في التنظيمات الارهابية والتطرف سيرتد نحوها ليخلق فوضى وعبث اكثر مماهو سائد في بلداننا العربية ..
واذا كان الساحر وحده من يبطل سحره كما تتضمنه المقولة التقليدية … فالغرب صنع الارهاب والتطرف ولم يعد قادر على التحكم به وكذلك الدول الاقليمية والعربية لم تعد قادرة على التحكم بمخرجاته او محاصرة اضراره ..فالتفجيرات تتنقل من العراق الى اسطنبول الى الرياض الى سوريا واليمن ولبنان والاردن ومصر ثم باريس ولندن وامريكا ذاتها ..
صحيح ان الغرب حصته من العبث والفوضى قليل مقابل مايحدث في دول الربيع العربي لكن قادم الايام قد نشهد امورا مفاجئة للغرب وللعرب ايضا …من هنا لزم القول اما ان تتجه امريكا واوربا نحو انهاء ازمات الشرق الاوسط واقرار بدائل للسلام واعادة بناء الدولة الوطنية واما سيتم تعميم الفوضى والعبث السياسي وهذا ماعبرت عنه تنظيمات مثل داعش والقاعدة ناهيك عن ان اوربا ذاتها تشهد صعودا في اليمين المتطرف والعنصري من الهوليجنز الجديد وعدائه ضد المهاجرين ..اذا .. اما الاتجاه نحو تعميم الليبرالية وفق منطلقاتها في الحرية والديمقراطية وتعميم الاستقرار والنمو الاقتصادي واما العنف والفوضى المتنقلة نحو الداخل والخارج … ومع ترجيح الخيار الثاني لانه يصب في مصلحة الكارتل الصناعي لان خسارة العرب مضاعفة عما يخسره الاخرون ..
بشكل عام الغرب وامريكا في كل تاريخهم المعاصر يعتمدون الكذب سياسة واستراتيجية تجاه شعوبهم وتجاه شعوب العالم ..والسرااال هل اصبحت الحكومات العربية تعتمد نفس السياسة الغربية .. ؟